أسباب ومخاطر لجوء مهاجرين لسماسرة البيوت في ألمانيا

البحث عن الاستقرار بين أربعة جدران وسقف وسط أزمة سكن متفاقمة دفع بعض المهاجرين في ألمانيا إلى الوقوع في براثن السماسرة. ما أبعاد الأزمة؟ وما الذي يجعل المهاجر يدفع آلاف اليورهات للسماسرة؟

اضطر علي حسن (اسم مستعار) إلى بيع مصاغ زوجته الذي أهداها إياه عند زواجهما لا لشيء إلا لتأمين بيت يسكنه بالإيجار هو وعائلته في برلين. أخذ السمسار 4500 يورو عداً ونقداً. “لم يكن أمامي أي خيار آخر بعد أن أمضيت حوالي ثلاث سنوات في البحث عن بيت يأويني وعائلتي”، يقول علي حسن لـ “مهاجر نيوز” في نبرة تبريرية.

قضية سياسية ساخنة

تأمين سكن بإيجار معقول يمكن أن يدفعه ذوو الدخل المنخفض والمتوسط أو يدفعه نيابة عنهم مكتب العمل على شكل مساعدة اجتماعية أضحى مسألة في غاية الصعوبة في ألمانيا وخصوصاً في العاصمة برلين، التي كان العثور على بيت فيها قبل عقد من الزمن سهلاً والإيجار ميسوراً مقارنة بغيرها من المدن الكبرى في ألمانيا والعواصم الأوروبية والعالمية الأخرى.

وتحولت القضية إلى مسألة سياسية ساخنة؛ إذ أثارت الإيجارات المرتفعة في برلين مظاهرات حاشدة. وتعهدت أغلب الأحزاب السياسية بالسعي للسيطرة على زيادة الإيجارات في البلاد، فيما ينصب التركيز الرئيسي على بناء المزيد من الشقق.

وفي نهاية آذار/مارس من عام 2021 تظاهر الآلاف في العاصمة الألمانية، بعدما ألغت المحكمة الدستورية الاتحادية (أعلى هيئة قضائية في البلاد) قانون الحد الأقصى للإيجارات في المدينة، والذي تم فرضته حكومة الولاية قبل عام “لعدم دستورية القانون”.

وصوت أغلب البرلينيين بالإيجاب في استفتاء لإجبار حكومة المدينة على نزع الملكية من كبار أصحاب العقارات. جرى الاستفتاء في 26 أيلول/سبتمبر وهو اليوم نفسه الذي جرت فيه انتخابات البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) والانتخابات البلدية وانتخابات برلمان ولاية برلين. غير أن خبراء يرون أن الاستفتاء سيقى شكلياً ولن تجد نتيجته فرصة للتطبيق على أرض الواقع.

وفي مسعى منها لتخفيف حدة الأزمة، اشترت حكومة ولاية مدينة برلين قبل أيام من الانتخابات البرلمانية الأخيرة في أيلول/سبتمبر الماضي نحو 15 ألف شقة من شركتي العقارات “فونوفيا ” و”دويتشه فونين” مقابل 2.46 مليار يورو (2.9 مليار دولار).

ونص اتفاق تشكيل الائتلاف الحكومي بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط) وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) الموقع في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي على عدم السماح برفع الإيجارات في المناطق التي تعاني من أزمة سكن بنسبة تتجاوز 11 بالمائة خلال السنوات الثلاث القادمة. وكل عام يجب بناء 400 ألف مسكن جديد، 100 ألف منها ينبغي أن يتم بناؤها بمساعدات حكومية وتأجيرها لأصحاب الدخل المحدود.

عنصرية وتمييز

ندرة البيوت في برلين وغيرها من كبرى المدن الألمانية تؤدي إلى بروز حالات العنصرية والتمييز السلبي ضد المهاجرين عند التقدم لاستئجار منزل، والتي تعزز بدورها ظاهرة السمسرة. “منذ حصولي على حق اللجوء في ألمانيا عام 2018 سعيت خلف أكثر من ستين عرض تأجير. أغلب الرود جاءت سلبية دون إبداء الأسباب، والمرات القليلة التي دُعيت فيها لمعاينة البيت لم تثمر؛ إذ كان غيري يفوز بالعرض”، يقول عصام الحلبي (24 عاماً)، ويكشف لـ “مهاجر نيوز” أنه بات مقتنعاً بأن “لا مفر” من اللجوء لسمسار.

توصل استطلاع رأي أجري في كانون الأول/يناير من عام 2020 إلى أن واحداً من بين كل ثلاثة من ذوي الأصول الأجنبية قد تعرض للتمييز أثناء البحث عن سكن في ألمانيا. وأُجري الاستطلاع لصالح المركز الألماني لمناهضة التمييز.

وقال بِرنهارد فرانكه، الرئيس المؤقت للمركز، إن مجرد ذكر الباحث عن سكن في ألمانيا اسمه، الذي قد يبدو أجنبياً، يجعل القائمين على السكن يستبعدونه من رؤية السكن، بغرض التعرف عليه قبل استئجاره. ورأي فرانكه أن إعلانات السكن “التمييزية” الصريحة لا تزال، وللأسف، أمراً معتاداً في الحياة اليومية”. وطالب باعتماد تعديلات قانونية لمواجهة هذا التمييز، من بينها، على سبيل المثال، حظر إعلانات السكن التمييزية، “على غرار المعمول به بالفعل في إعلانات الوظائف”.

ماذا يقول القانون؟

حمزة سويد قدم إلى ألمانيا منذ سنوات قليلة ثم سرعان ما اندمج في سوق العمل في مجال مساعدة اللاجئين الجدد على الاندماج من خلال عمله كاستشاري للمهاجرين ومدرب اندماج. “السمسرة دون ترخيص قانوني يدفع بموجبه السمسار ضريبة على ما يدخله من نقود أمر يجرمه القانون”، بحسب ما قال لـ “مهاجر نيوز”، مشدداً على ضرورة تقديم شكوى من المتضررين للحد من الظاهرة.

ومن خلال عمله السابق في عدة مشاريع لدعم اللاجئين وحماية المستهلك يوضح آلية حصول العملية: “يكون السمسار على ارتباط بأحد الموظفين في شركات العقارات ويعطيه رشوة مقابل كل بيت مؤجر. وتصل الأمور في بعض الأحيان أن بعض السماسرة يستعمل أسماء وهمية وأرقام هواتف عديدة وقد يقوم بتزوير أسماء شركات وأختام ويمنح الضحية إيصالات قبض مزورة لإيهامه أن الأمور سليمة من الناحية القانونية”.

ويؤكد حمزة سويد على وجوب أن يكون السمسار حاصلاً على ترخيص لممارسة المهنة وعلى أن يكتب عقد يوضح حقوق كلاً من الباحث عن البيت (المستهلك) والسمسار.

تدعم الجهات الرسمية وبعض منظمات المجتمع المدني مبادرات ومشاريع عديدة لمساعدة اللاجئين في البحث عن سكن وحمايتهم كمستهلكين من جشع السماسرة: “أدرت مشروع (منارة) في برلين لتقديم النصح والاستشارة في البحث عن سكن وتقديم الشكاوى ضد السماسرة لاستراد حقوق الضحايا. ومنذ فترة أعمل في شركة ABZiel للاندماج لتأمين سكن للمهاجرين بشكل مجاني ونجحنا في تأمين سكن لعدد لا بأس به من العائلات”.

في واقع الأمر تبقى كل المبادرات لتأمين سكن للمهاجرين محدودة التأثير ومرتبطة بظروف تمويلها وإطارها الزمني. ومن هنا تبقى ظاهرة السمسرة في نظر البعض حلاً أخيراً ذو كلفة مرتفعة ولكنه قد يؤدي لنتيجة: “فكرة اللجوء لسمسار قد لا تُعجب من يتنعم ببيت خاص به، ولكنه بالنسبة لي ولزوجتي وأولادي هو الطريق الوحيد أمامنا”، يقول سعيد حمدان (اسم مستعار) في حديث لـ “مهاجر نيوز”.

المصدر: مهاجر نيوز – خالد سلامة

___

تيست ٣

kurdish dc

ما هو الإتحاد الأوروبي وكيف يدار؟

arabicedit

ألمانيا- القوانين الجديدة في 2022 بخصوص الهجرة واللجوء والأجور

arabicedit
KDC

مجانى
عرض