بمناسبة انتهاء العام الدراسي ، كانَ لنا الشرفُ بتلقِّي بطاقة دعوة من إدارة مدرسة (Sibestian Schule ) في Würselen التابعه لِمدينة Aachen الألمانية لِتلاميذ المرحلة الأولى ، من الصف الأول إلى الرابع الابتدائي ، و باعتباري من أولياء التلميذ (عامر حسن ) الذي كانَ يتعلَّمُ في تلك المدرسة ، فقد كانَتْ لنا دعوةُ الحضور والمشاركة معهم بتلك اللحظات الرائعة والحزينة في الوقت نفسهِ ، في أجواء روحية ضمنَ الكنيسة الدينية معَ الثقافة الأوروبية ، و التعرُّف على المزيد من عادات و تقاليد المجتمع الأوروبي ، و كيفية تعاملهم مع التلاميذ .
بدأ الحفلُ بكلمة الترحيب من قِبَلِ مديرة المدرسة ، حيثُ رحَّبَتْ من خلالها بالضيوف والآباء والأبناء معاً ، وقالتْ : إنَّ العلمَ هو سرُّ نهضة الأمم والأخلاقُ هو مقياس تطوُّرها ورفعة شأنها ، والأطفال هم زينة حياة الدنيا لا بد أن نكون لهم الموطن والأمان بكل معانيها .
وهذا ما شدَّني إلى الكتابة لأعبِّرَ عمَّا رأيتُهُ من روح المحبة والتعاون والتضامن على أرض الواقع داخلَ تلك الكنيسة المُقدَّسة التي كانتْ تُضاءُ بشُموع الرجاء والأمل ، وعن اختلاف و تميُّز الحضارة الغربية عن الحضاره الشرقية في كل شيءٍ ، من حيث الترحيب بالضيوف و أداء الواجبات التي تقعُ على عاتق الجهاز التدريسي ، و كيفَ كانوا يؤدُّون ولاءَهم بكلِّ إخلاص و تحيةٍ بالعلم والمعرفة لوطنهم ، ليجعلوا منهُ منارةً في آفاق العلم بين الدول المتقدمة والمزدهرة بأبناء الوطن دون تمييز .
و في تلك الاثناء قالتْ لي إحدى الأمَّهات الألمان : في كلِّ عام و قبل انتهاء العام الدراسي بأسبوع ، نحنُ نستعدُّ لهذه الحفلة التي نُسمِّيها (حفلة التكريم والوادع الأخير) لتلاميذ الصف الرابع باعتبارهم سينتقلون إلى مدرسة جديدة ، و مرحلة جديدة ، لذا فهم يقومون بأداء الواجب الذي يقع على عاتقهم من الحب والعطاء والدعم والقوة والمساندة إلى الخطوة القادمة لِتلاميذ الصف الرابع أمام الآباء والأمهات ، و كلِّ من تلاميذ المرحلة الأولى و الثانية والثالثة في الكنائس المقدَّسة من أجل تقوية التلاميذ و دفعهم إلى الشعور الدينيِّ ، و وصول فكرةٍ إلى آذهان وعقول الأطفال فحواها : إنَّ الدِّين هو العلمُ والعلمُ هو الدِّين معَ نغمات السلام والأمان و روح الاطمئنان ،
و إهداء قطعة قماش بلون أبيض ، عليها رمزُ المدرسة إلى كلِّ تلميذ من أجل غرس المحبَّة بروح الوفاء تجاه علمهم ووطنهم و مسح دموعهم البريئة كماء الزمزم ، والاحتفاظ بها كذكرى لديهم ، وأيضاً من أجل رفع تلك القطعة من القماش الأبيض بأياديهم الناعمة و الجميلة ، و هم ويُرفرفونَ بها عالياً إلى عالم السماء مثلَ حمامة السلام ؛ لأنَّها تُشيرُ إلى السلام مع لمسات من الموسيقا الإلهيَّة مع الأغاني المُقدَّسة و بدعواتٍ من ربِّ السماء بالتوفيق والنجاح لهم ، و لجميع أطفال العالم ، في مجال تحصيل العلم و نور المعرفة من أجل بناء مستقبل مُزدهر بالعلم والمعرفة .
وفي الخِتام ، فقد طلبوا من الأولياء التمسُّكَ بيد بعضهم البعض ، للبقاء على العهد والوفاء بروح الانسجام والاندماج والابتسامة الدائمة ، فلا شيء يفرِّقُهم سوى الموت من أجل بناء حضارة أوروبا على بُنيان التقوى والمساواة ، وقوة الاتِّحاد الذي تُصدرُ إرادتُها من عُمق إيمان الشعب الصادق و المُحبِّ لأبنائها الأوفياء بغدٍ أفضلَ ومشرق بأبناء اليوم ، وفي ظل تلك الأجواء الرومانسية والسماويَّة ، انتهتِ الحفلةُ بدموع المعلِّمات والتلاميذ على فراق تلاميذ الصف الرابع .
حقاً ، فقد كانتْ حفلةً حزينةً و رائعةً ومُعبِّرةً من جميع النواحي ، وما أدهشَني و زادَ من إعجابي هو الهيئة الإدارية و الطاقم التدريسي ، فقد كانَ الجميع من العنصر النسائي .
أمـل حـسـن