المرأةُ الكُردِيَّةُ و اليومُ العالميُّ للمرأةِ

كانتِ الانتفاضةُ النسائية الأولى في العصر الحديث قد بدأت عام ١٨٥٦م في مدينة نيويورك منْ قِبَلِ عاملات المعامل اللواتي شعرنَ بانتهاك حقوقهنَّ في العمل و الحياة السياسية ، و تكررت الانتفاضة عام ١٩٠٩م في نيويورك أيضاً ، عندما خرجت عاملات معامل النسيج يُطالبنَ بحقوقهنَّ في العمل ، كرفع الأجور و تخفيض ساعات العمل ، و منع تشغيل القاصرات ، و المشاركة في الانتخابات ، ثمَّ استجابتِ الحكومة الأمريكية لمطالبهنَّ ، و امتدَّتِ الحركة النسائية ، لتشمل معظم أوروبا و العالم ، حيث تجاوزتِ النساء في العالم بعد هذه الانتفاضات مرحلة الجمود و انتهاك الحقوق ، و تحسنت أوضاعهنَّ في أمريكا و أوروبا و دول أخرى .

أما المرأة الكردية ، فقد كانت رديفةً لتلك النساء اللواتي طالبنَ بحقوقهنَّ ، إذ لم تقف يوماً عن المطالبة بحقوقها ، و سعيها للتحرر من قيود المجتمع ، و سلاسل العادات و التقاليد البالية ، فقد برزت أسماء نساء كرديات كثيرات كُنَّ قادات و زعيمات للممالك و العشائر الكردية ، و كذلك مقاتلات و مُغنِّيات و مثقفات .

أما في النصف الثاني من القرن العشرين ، و بداية القرن الحادي والعشرين ، فقد برزت المرأة الكردية بقوة على الساحة السياسية و الاجتماعية و النضالية إلى جانب الرجل الكردي ، أمثال : ليلى قاسم ، ليلى زانا ، هڤرين خلف ، مهسا أميني ، و أخريات تركنَ بصمات نيرة في التاريخ الكردي الحديث .

و لا يقتصر نضال المرأة الكردية في مجالات الثقافة فحسب ، و إنما برزت بطولتُها في إقليم كوردستان ، حيث حققتْ بطولات رائعة من خلال انتسابها إلى قوات الپشمرگة البطلة ، و دفاعها عن تراب كوردستان ، و وقوفها صفاً واحداً إلى جانب إخوانها الرجال الأبطال من قوات الپشمرگة البطلة التي أثبتت بسالتها في الدفاع عن حدود الإقليم ، و حماية الشعب الكردي .

و لا شك أن مقاومة المرأة الكردية و نضالها في غرب كوردستان أكبر مثال على تحرر المرأة الكردية ، فقد أثبتت بحق أنها لا تقل عن الرجل في عملها و فاعليتها على أرض الواقع ، فاليوم هناك آلاف النساء الكرديات اللواتي يحملنَ السلاح دفاعاً عن شرفها و حماية الشعب الكردي و أرض كوردستان ، و قد أثبتت هذه المرأة قُدرتها على الصمود في مواجهة أعداء الكرد ، و على رأسهم تنظيم داعش الذي انتهى في سورية على يد المرأة الكردية ، و هذا ما دفع العالم إلى التعبير عن دهشته و إعجابه بنضال المرأة الكردية التي هزمت داعش و أصبحت الدرع الحامي للكرد و كل شعوب العالم التي تضررت من هذا التنظيم الإرهابي ، و قد قامت الحكومة الفرنسية بإدراج درس في مناهجها المدرسية عن نضال المرأة الكردية و صمودها في غرب كوردستان ، إكراماً لها ، و اعترافاً بما قدمته المرأة الكردية من تضحيات لشعبها و شعوب العالم في مواجهة تنظيم داعش .

إن المرأة الكردية لم تعد كما كانت في السابق سيدة في المنزل ، أو مزارعة في الحقول ، أو حلابة للأغنام ، إنما قطعت أشواطاً هائلة في طريقها نحو التحرر ، فهي اليوم لا تقل شأناً عن المرأة العالمية في التمتع بغالبية حقوقها ، رغم وجودها في البيئة الشرقية المنتهكة لحقوق المرأة ، فهي اليوم كاتبة و شاعرة و مثقفة ، و كذلك طبيبة و مُدرِّسة و مهندسة ، و لم تترك مهنة مرموقة إلا و قد خاضتها و عملت فيها .

و لا بد من الوقوف عند آخر انتفاضة كردية فجَّرتها المرأة الكردية مهسا أميني في شرق كوردستان ضدَّ ظلم النظام الملالي الإيراني المجرم ، فقد قُتلت مهسا على يد الشرطة الإيرانية ، و أعقبَ موتها انتفاضةٌ جماهيرية شملت غالبية الأراضي الإيرانية بهتافات : المرأة ، الحياة ، الحرية ، هذا الشعار المقدس دخل تاريخ العالم بفضل الفتاة الكردية مهسا أميني رمز ثورة المرأة الإيرانية .

إن المرأة الكردية تحتفل كل عام بعيدها في الثامن من آذار ، وتنالُ المزيدَ من حقوقها المشروعة عاماً بعد آخر ، و هي بذلك تُثبت مدى فاعليتها و نضالها في المجتمع الكردي المعاصر ، رغم كل القيود التي يفرضها محتلو كوردستان عليها .

المرأة الكردية اليوم أخت و حبيبة و زوجة و أم و رمز للمقاومة و الأرض ، و لمجرد ذكرها تبرز أمام أعيننا صورة المرأة المثقفة الواعية أو المقاتلة المناضلة .

و في الختام : بمناسبة هذا اليوم التاريخي والعالمي ، أتوجَّه بالنداء إلى كل أمراة كردية حرة شريفة و مستقلة في قرارها ، و تعز عليها كرامتها وشرفها في المجتمع الكردي ، لتكون قوية وذكية وتحمي ما لديها ، دون الوقوع في فخ الاستغلال والمستنقعات السياسية من قِبل ضعيفي النفوس الذين يستغلونها تحت وطأة الإغراءات للنيل من كرامتها و جعلها سلعة رخيصة بيد الٱخرين ، فعليكِ أيتها المرأة الكردية أن تكوني أصيلة متمسكة بحقوقك ، و لا تنخدعي بإغراءات المال و المناصب ، حتى لا تقعي في أيدي من لا يرحمون تلك الروح البريئة ، وتؤدي بنا وبك إلى ما لا يحمد عقباه .

إننا ننحني بكلِّ شموخ و اعتزاز أمام مقاتلات قوات الپشمرگة و النساء الكرديات الشامخات اللواتي يَقِفْنَ جنباً إلى جنب مع الرجل في خنادق النخوة والكرامة من أجل الدفاع عن تراب وطنهنَّ ويسقونها بالدماء والدم .
تحية تقدير للمرأة الكردية التي أثبتت أهليتها للحياة الحرة الكريمة .
تحية للنساء الكوردستانيات اللواتي يبنينَ أسوار الحرية في بلادهنَّ بالنضال والمقاومة .
تحية لكل أم كردية أو عالمية أنجبت امرأة عظيمة .

أمـل حـسـن

___

جياي كرمينج عفرين

KDC

حل التناقض الأساسي في الفكر السياسي الكوردي

KDC

… وماذا بعد نوروز؟  

KDC
KDC

مجانى
عرض