امل حسن
قيل عنها “المرأة التي تهز المهد بيمينها، تهز العالم بيسارها”
المرأة إن كانت نصف المجتمع عدداً فهي المسؤولة الأولى عن تربية وتنشئة النصف الآخر، فهي الأم والأخت والزوجة والإبنة والصديقة والعاملة والموظفة والثائرة والقائدة والرمز إن شئتم ، وكانت لهنَّ دوراً بارزاً في معظم الأحداث التاريخية الكبرى والثورات والنهضات العظيمة.
والدول التي تقودها النساء الآن شواهد حية على مقدرتهم على إحداث التغييرات وإدارة الأزمات والأوبئة فمن “أنجيلا ميركل في ألمانيا إلى جاسيندا أردرن في نيوزلندا.
وفي الثامن من آذار من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة لدورهم وأثرهم في الحياة وتطور المجتمعات.
والسبب في أختيار هذا اليوم هو لإضراب عاملات صناعة الملابس بمدينة نيويورك الأمريكية اللاتي تظاهرن تنديدا بظروف العمل الصعبة، وتعود جذورها إلى أنه في سنة ١٨٥٦م كانت قد خرجت آلاف النساء في احتجاج واسع بنيويورك على الظروف القاسية والغير انسانية في العمل.
وقبل عام من تثبيت يوم المراة في عام ١٩٠٩ قد شهد تظاهرات سلمية لعاملات النسيج من جديد، وقد حملنَّ الخبز والورود في مسيراتهم، فالورود رمزت إلى الحب والتعاطف أما الخبز فكان يرمز إلى حق العمل والمساواة فيه.
وإن كنا سنتذكر التاريخ فلا بد أن نستذكر الدور العظيم للمرأة في القضاء على الفصل العنصري والعبودية في الولايات المتحدة وإمتداد تأثيرها على بقية البلدان ” روزا باركس “، فإن كان هذا في الولايات المتحدة الأمريكية فإننا لا نغفل على دور النساء في نهضتي كل من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية.
لكن هل؟ كانت للمراة كوردية شأن في التاريخ الكُردي كبقية النساء في بقية الدول، نعم، فقد لعبت المراة الكُردية أدوارا متقدمة في المجتمع والسياسة الكُردية، فشكلت المنظمات ونشرت المجلات وكانت لها بصمات واضحة في الحركات التحررية الكُردية، وإحداث تغيرات جذرية في المفاهيم التقليدية التي ارتبطت بالنساء، أمثال السيدة أم الكُرد مينا خانم قاضي، التي أسست الإتحاد النساء الكُردستاني في عام ١٩٤٦، وكان هدفها من وراء تلك الجمعية تعليم كل ما تتعلق بها من العلم والخياطة إلى اصدار المجلات وأيضاً مساعدة الرجال والأطفال …والخ, سميت بأم الكُرد لأنها كانت دائماً تنشد إلى الوحدة الكُردية. وأيضا هناك سيدة من السيدات النساء الكُرديات العفيفات سجلت أسمها بأحرف من الذهب على صفحات التاريخ وتستحق أن تنحني لها الأقلام الواعدة والقامات الصاعدة أنها السيدة “حمايل محمود أغا زيباري” زوجة الملا مصطفى البارزاني، كيف استطاعت أن تخافظ على أولادها وتزرع الروح القومية وعدم الاستسلام بغياب زوجها البارزاني عندما كان مضطراً السفر إلى روسيا لمدة ١٢ سنة.
والمرأة الأيزيدية صاحبة الخصال الحميدة والأخلاق الفضيلة “ميان خاتون” واحدة من النساء اللواتي استطاعت أن تلعب دوراً هاماً في إدارة شؤون أقليتها الدينية، وهي تنتمي إلى سلالة أمراء الديانة اليزيدية.
وهناك أيضاً أحد رموز المقاومة الكُردية “ماركريت جورج شيلو”، ثائرة كُردية آشورية تنضم إلى البيشمركة الأوائل، وشاركت القتال في ثورة أيلول وكان لها دور بارز في معركة وادي زاويتا ضد النظام العراقي في عام ١٩٦١.
وليلي زانا، أنتخبت كأول أمرأة كُردية للبرلمان التركي عام ١٩٩١، ولا يمكن التغاضي عما فعلتها في خطاب التنصيب إذ عرفت نفسها كـ كُردية وتحدثت باللغة الكُردية، لتتجرد من حصانتها وتحكم عليها بالسجن لمدة 15 سنة.
وليلى قاسم الناشطة الكُردية التي دافعت عن قوميتها وحقوق الأكراد ضد نظام البعث في العراق، استشهدت بعد إعدامها من قبل نظام البعث،
كما كانت وما زالت للنساء الكُرديات في سوريا بطولات تستشهد بها محليا وعالمياً في محاربة داعش والدفاع عن أرضيهم ضد عمليات تركيا الاحتلالية، لتغدو قدوة تقتدى بها في كل العالم.
ومازال هناك الكثير والكثير من النساء في تاريخ الحضارة الكُردية العريقة وأصالة حاضرها البهية لم نتحدث عنها لأنها لا تعد ولا تحصى، ومع كل هذا ومع التحسن في حصول المرأة على حقوقها المشروعة، لا تزال هناك مشاكل تتعلق بالمساواة بين الجنسين والزواج القسري وجرائم الشرف، كما أنها ما تزال تتعرض لختان الإناث “تشويه للأعضاء التناسلية الأنثوية ” في بعض المناطق.
على النقيض من الدور الكبير للمرأة في الحياة والمجتمع لا تزال الفوارق الصارخة بين الجنسين موجودة في المجالات الإقتصادية والسياسية. وفيما تحقق بعض التقدم على مدى العقود، ألا أنه وحسب احصائيات للأم المتحدة لا تزال المرأة تكسب أقل من الرجال في سوق العمل على مستوى العالم بنسبة 24 في المائة. ففي عام 2015، لم يكن هناك سوى 22 في المائة من جميع البرلمانيين الوطنيين هم من الإناث، وهو ارتفاع بطيء من 11.3 في المائة في عام 1995.
أن المسيرة طويلة وشاقة لتحصل المرأة على كامل حقوقها ولكنها مسيرة تستحق النضال والتضحية ،
وإذا اردتم أن تعرفوا رقي أمة فأنظروا إلى حال نسائها .