جان كورد – 05.06.2022
الوضع الذي عليه كوردستان لا زال كما كان في القرن الماضي، وعبّر عنه البروفيسور إسماعيل بشكجي بعلمية ودقة ملاحظة عندما كتب كتابه الشهير تحت عنوان (كوردستان مستعمرة دولية)… وكل الإنجازات التي يحققها شعبنا المغدور في ظل قياداته الوطنية المخلصة، وهي كثيرة وهامة حقاً، لا تستطيع أن تستر على حقيقة أن كوردستان لا زالت مقسّمة وتعصف بها عواصف العنصرية والتعالي القومي للآخرين وتنتشر على أرضها قوات الإحتلال المختلفة ومخافر لرصد كل الحركات الاجتماعية والثورية والسياسية الكوردية لتضربها معاً وبتوافقاتٍ مؤّكدة فيما بينها، ولا زالت مناطق واسعة “متنازع عليها” محتلّة، كما أن “قلب كوردستان –كركوك” و “شنغار” في قبضة المحتل، إضافةً إلى تواجد قوات تركية على أرض الاقليم في عدة مواقع هامة وتسعى لتوسيع رقعة تواجدها كل يوم. وأشهر الأمثلة على ذلك وقوف جميع محتلي بلاد الكورد ومن وراءهم ضد إستفتاء الإستقلال في اقليم جنوب كوردستان الذي حظيَ ب”نعم” على نسبة تزيد عن 92% من أصوات المقترعين في الاقليم.
وما يجري في غرب كوردستان من تغيير ديموغرافي وقصف يومي وتهديد بتوسيع مناطق الإحتلال ورفض لأي إدارة كوردية مهما كانت متواضعة دليلٌ قاطع على أننا في مرحلة كفاحٍ من أجل حفظ وجودنا القومي وليس في مجال البناء والعمران فقط، بل إن الوجود القومي الكوردي معرّض للأخطار الحسيمة لأن الحكومة التركية كما نشاهد بوضوح مصممّة على انتهاك كل حقوق الإنسان للكورد، ليس في داخل تركيا فحسب وإنما في جميع أنحاء كوردستان، وتسعى لأن تظهر نواب البرلمانات والإعلاميين الكورد في دول الإتحاد الأوربي، وإن كانوا من خارج تركيا، على أنهم “إرهابيون!” حتى الذين ليسوا مواطنين لتركيا…
سواءً في الجزء الجنوبي من كوردستان أو في غربه، وبموافقة ضمنية من المحتلين الآخرين، فإن السيد أردوغان يلعب بمهارة وبهلوانية فائقة بعدة أوراق سياسية، منها عضوية بلاده في حلف النيتو، فيسعى لمنع السويد وفنلندا عن الانتماء لحلف النيتو، وعلاقاته الحميمة مع القيصر الروسي بصدد سوريا، ووجود قوات عسكرية ضخمة لجيشه الذي يدعمه ويؤيده الشعب التركي دعماً لا يختلف في شيء عن دعم الألمان للنازية الهتلرية، وتصرّفه في بعض الأحيان كزعيمٍ للمافيا “حسب رؤية بعض السياسيين الأوربيين” وليس كرئيس دولة، وعلى الأخص في سعيه المستمر لابتزاز الدول الأوربية في موضوع المهاجرين واللاجئين الذين يريدون العبور من تركيا إلى أوروبا، والرئيس التركي هو مصدر القرار التركي الأعلى ولا أحد يتمكّن من الاعتراض على قراراته ومراسيمه، ويبتز كل يومٍ حلفاءه وأصدقاءه ولا يرحم معارضيه الأتراك رغم زعمه بأنه رئيس دولةٍ “ديموقراطية!”، وسجونه مليئة بالمعارضين معظمهم متهمين بتهمة الإرهاب أو المساهمة في الإنقلاب المشكوك فيه أصلاً…
في مثل هذه الأوضاع، ليس للكورد إلاّ أن يتوحدوا ويتعاونوا ويتنازلوا لبعضهم بعضاً، من قبل أن تنطبق عليهم حكاية “أكلت يوم أكل الثور الأبيض!”، وبخاصة في غرب كوردستان التي تتعرّض الآن إلى أشنع صنوف العدوان والاحتلال، فإن الوجود القومي الكوردي في سوريا في خطر، فإذا كان الوجود القومي في خطر، فإن الإنجازات مهما كانت عظيمة ستتبخّر مثلما تبخّرت الكانتونات في عفرين وكرى سيي وسرى كانيى… فليفكّر القائمون على أمور الإدارة الذاتية جيداً، ومن ورائهم حملة القداحات المعطّلة، وليتعظوا مما حدث في المناطق المحتلة من قبل الجيش التركي سابقاً، فالعدو الأكبر لهم ليس اقليم جنوب كوردستان كما يزعم بعضهم وينشرون الكراهية بين الشعب ضد قيادة الاقليم الوطنية في الشوارع والإعلام الباهت، وعدوهم ليست الأحزاب الكوردية السورية، وإنما العدو هو ذاته الذي قضى على ثورات أمتنا ومارسوا سياسة التنكيل والتهجير والتحقير ضد شعبنا، وهم مستعدون لنسف كل محاولةٍ كوردية لإدارة الذات حتى ولو حاول الدعاة لها على سطح المريخ.