أيُّ وطنٍ هذا الذي يُحارَبُ فيهِ المُناضلونَ و أربابُ الأقلامِ ؟!

الأمَّةُ الكُرديَّةُ أمة عظيمةٌ ، ضاربةٌ بجذورِها في عُمقِ التاريخ ، و لكنَّ ما يُشوِّهُ سُمعتَها هو تصرُّفاتُ بعضِ أحزابنا التي لا تُقدِّرُ قيمةَ نضال مُناضليها ، و بسالة مُقاتليها ، وسراجَ أقلامها إلَّا بعدَ فقدانهم ؛ لأنَّ بذورَ الحقد مزروعةٌ في النفوسِ المريضة لبعضِ أعضائها و عقولهم البالية، و أيضاً يمتلكونَ كلَّ صفات الغيرة و الحسد منذُ سنواتٍ عديدةٍ على بعضهم البعض ، و إلى يومنا هذا فهذهِ الأحزابُ تحاربُ و تحاسبُ على قول كلمة الحقِّ من ناقديها و كُتَّابها و شُعرائها و فنَّانيها و مُقاتليها .

نعم ، هذهِ الحقيقةُ المؤلمةُ لا بدَّ أنْ نقولَها ؛ لأنَّنا نعاني منها على أرض الواقع ، و لهذا كانَت الأسبابُ الرئيسية لفشلِ جميع الثورات الكردية سياسياً ، و ليسَ عسكرياً من وراء ممارسات الكُردِ ، فتلكَ العقليةُ المتخلفةُ جعلَتِ الأفكارَ الخبيثةَ متسلّطةً عليهم ، و أن تدورَ في عقولهم المتعفِّنةِ ، و يقعوا في مطبَّات الحياة .

فعلى رُسلكم ، عودوا إلى رُشدكم أيُّها القومُ الكرديُّ ، متى كانتِ اللغةُ الكرديةُ مُلكاً للأحزاب السياسية ؟ و إلى متى سنبقى على هذا المِنوال المُخيف نعاني من القلق والرعب من تلك الكوابيس المُزعجةِ ؟ و تمضي بنا الأيامُ و الأعوامُ على الفكر المُتخلّف ، و كأننا من أصحاب الكهف نعيش في زمن أبي لهبٍ و أبي جهلٍ ، و إلى متى سنحملُ هذا الحقدَ و الكراهيةَ تُجاهَ بعضنا البعض ؟!

ألمْ يَحِنِ الأوانُ لِنسلكَ طريقَ الصواب و نتجاوزَ كلَّ العقبات و الخُرافات العدوانية في دوَّامة الحياة ، و نقومَ بتجديد أفكارنا و عقولنا في عصر الحداثة والتكنولوجيا، و نتمسَّكَ بمناضلينا الشُّرفاءِ ،وإن كانوا من الطبقة الفقيرة و ندعمَ أقلامَنا المخلصةَ و نحترمَ أصواتَ أسيادنا و شيوخنا و شُعرائنا و فنَّانينا المُخلصين و أطفالنا الأذكياءِ و شبابنا الأوفياء ، ونسائنا المناضلاتِ الذينَ يخدمونَ وطنَهم وشعبَهم بجمال أخلاقهم العَطِرةِ ، و يزيِّنونَ ساحات الوطن بأفواهِ بنادقهم المُزخرفةِ ، مَثَلُهم كمَثَلِ الذينَ يُنشدونَ الحريةَ و استقلالَ كلمة الحقِّ بدولةٍ مُحرَّرةٍ و مُستقلَّةٍ اسمها كُردستانُ الكُبرى ، دونَ أيّةِ مصلحةٍ شخصيةٍ ، و ألَّا نعتبرَ النهجَ و اللغةَ مُلكاً لأحدٍ ، و لن يكونَ مُلكاً لأحدٍ ،

فمن الواجب أنْ تكونَ اللغةُ الكرديةُ بعيدةً عن لهيبِ كيانهم المريضِ و نفاقِ أحزابهم التي أصبحتْ بالمئاتِ ، و أجدُها من الضروريِّ أن نستخدمَ مصطلحات اللغةِ الكرديةِ بشكلٍ صحيحٍ حتى و إنْ كانتْ منَ الأعداء .
أليسَ من الواجب أنْ نعطيَ كُلَّ ذي حقّ حقَّهُ ، كما في أقوال و أحكام القادة العُظماء و عُلماء الدِّينِ والشعراء و الفلاسفة الذينَ قادوا تاريخَ هذا الشعب المظلوم منذُ زمن ؟

كانَ شعارُ “البارزاني الخالد ” دائماً : فلتكُنْ أقلامُنا و مُعتقداتُنا حُـرَّةً ، و أيضاً قالَ : ( الطلبةُ رأسُ الرمحِ )، و هذا يُثبتُ لنا أنَّنا لنْ نصلَ إلى شيءٍ اسمهُ النصرُ و الحريةُ إلَّا عن طريق التعليم و مناهل العلم .

و كما قالَ الشاعرُ الكرديُّ جكرخوين :Ev xwendin û zanebûn) nêzîk dike serxwebûn)، أي : هذهِ القراءة والمعرفة تُقرِّبُ الاستقلالَ ، و يقصدُ به استقلالَ كُردُســتانَ .

وأيضاً قالها الشهيدُ الشيخ محمد معشوق الخزنوي : ( إنَّ الحقوقَ لا يتصدَّقُ بها أحدٌ إنما الحقوقُ تُؤخذُ بالقوة ) ، تلكَ القوةُ كانتْ في منظوره ترمزُ إلى نطاق أفكار واسعةٍ و عميقةٍ يقفُ عليها المُحلِّلونَ و الخبراءُ السياسيُّون ، و يدرُسُها العلماءُ و مؤرِّخو التاريخِ ، فماذا يعني في قوله: إنَّ الحقوقَ لا يتصدَّقُ بها أحدٌ إنما تُؤخذُ بالقوة ؟

أيْ : إنَّ القوةَ هي قوةُ التعليم العالي و سراجِ العلم و نبراس المعرفةِ و نور الثقافة التي ترتقي بها الأوطانُ إلى الدرجات العُلا ، و القضاء على الجهل ، كما ورد في المصحف الشريف : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}،

أيُّها السادةُ الكرامُ ، هذهِ الآيةُ الكريمةُ من سورة العلق ، تدلُّ على صفات كثيرة ، فاللّٰهُ تعالى كثيرُ الكرم و الإحسان، واسعُ الجود ، و من كرمهِ أنْ أمرَ بالعلم و {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} ، {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فإنَّ اللّٰهَ سبحانه و تعالى أخرجَ الإنسانَ من بطن أمهِ لا يعلم شيئاً ، وجعلَ له السمعَ والبصرَ والفؤادَ ، و يسَّرَ لهُ أسبابَ العلم ، فعلَّمهُ القرآنَ ، وعلَّمهُ الحِكمةَ ، و علَّمهُ بالقلم الذي به تُحفظُ العلومُ ، و تُضبطُ الحقوقُ ، و يكونُ رُسولاً للناس ينوبُ منابَ خطابهم ، فللّٰهِ الحمدُ و المِنَّةُ ، هوَ الذي أنعمَ على عباده بالعلم و القلم ؛ لأنَّ الأمة التي لا تقرأ يسهلُ خِداعُها

لذا قالَ الشاعرُ أحمد مطر : إذا أردتُم أنْ تهدموا حضارةَ أمةٍ فاقضوا عليها منَ الناحيةِ الأسرية و التربوية و التعليمة ، و إسقاط القدوة و المرجعيات الدينية ؛

لأنَّ انهيار التعليم يعني فشلَ الأمة عن مواكبة الحضارة الحديثة ، و التربيةُ و التعليمُ هما أساسُ بناءِ كيان المجتمع الراقي الخالي من الفساد و العبودية و الفكر القومي المتسلّط و من الازدواجية و البرجوازية و ارتزاق الأقلام المأجورة من قِبَلِ العديد من الشخصيات المتعجرفة و المُتسوِّلةِ من مكان إلى مكان ، و من حزب إلى حزب من أجل مصالحهم الشخصية وبقائهم في أماكنهم وعلى مقاعدهم الفخمة ؛ لأنهم هكذا اعتادوا على السلب والنهب والنيل من القضية الكردية عن طريق شعاراتهم الرنَّانة و طبولهم الفارغة التي تفوحُ منها رائحةُ الكذب والغدر و العُهر حتى في الأسواق الأوربية ،

لذا أرى من الضروريِّ أنْ يتمَّ القضاءُ بشكلٍ كاملٍ على تلكَ الخلايا النائمةِ من طبقة المُتسوِّلينَ، حيثُ لا مبدأ لهم سوى العبث و التلاعب بشعور الشعب المسكين و الجماهير من الطبقة الصادقة الذين يُصدِّقونَ كلَّ شيءٍ ، و المغامرات البهلوانية من الذينَ يُسمَّونَ بالناشطين اليوم من وراء نيَّاتِهم البريئة و روحهم السخية التي يمتلكونها .

لذا أكرِّرُ ندائي مراراً و تكراراً : يجبُ على المجتمع الكُرديّ التحقُّقُ من هؤلاء المنافقينَ المتسوِّلينَ الذين يقودونَ المجتمعَ الكرديَّ نحوَ السرابِ و الهلاكِ ، و يكذبونَ بمُنتهى الصدق و يخونونَ بمنتهى الإخلاص، و يدمِّرونَ بلدانهم بكُلِّ وحشيَّةٍ ، و يقتلونَ إخوانهم بلا رحمةٍ، و يدعمونَ أعداءَهم بكُلِّ سخاءٍ ، و يُمارسونَ الخيانةَ تحتَ الشعاراتِ الوطنية بمنتهى الشرف باسم النشطاء المدنيين ، و هم المُمتطونَ على النهجِ و القضيةِ ، و الفئةُ المستقلةُ بريئةٌ منهم مثلَ براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام .

وختاماً : من الواجب أن تمتلكَ الأمةُ الكرديةُ كلَّ سِمات السيف والقلم من قوة ذاتها ، لتبنيَ آمالَها و آفاقَ مستقبلها و تحققَ طموحها و أمانيها من وراء أفكار أجيالها الواعدة و المتعلِّمة ، و أن تستمدَّ عزيمتَها و إرادتَها من الآراء و المقترحات المتقدِّمة لشعبها دونَ أيّ تمييزٍ بينَ المعتقدات الدينية أو الآراء السياسية .

و أن تعتمدَ على نماذجَ من شخصياتها البارزة و المخلصة للشعب والقضية معاً ، و تسيرَ إلى حيثُ مسيرةُ التضحية و الفداء على طريق النهج الرشيد و القادة النبلاء الذين يمتلكونَ كلَّ معاني الرفعة والسموِّ ، و قد تركوا خلفهم بصمات النخوة والكرامة في تاريخ الشعب الكُرديِّ مثلَ الخالدِ مُصطفى البارزانيِّ ، حينها يُصعبُ خِداعُ الأمةِ الكُرديَّةِ ، و سنصلُ إلى ما نريدُ من المجد و البطولةِ .

أمل حسن

___

النارُ بوادينا

nusar1

مؤامرة سياسية في البرلمان العراقي ضد شعب كوردستان وتفكيك البيت الإيزيدي

nusar1

المرأة الكردية في المجتمع الأوروبي: تحديات الاندماج والحفاظ على الهوية الثقافية

nusar1
KDC

مجانى
عرض