بقلم : أمـل حـسـن
عفرينُ … قلب كُردستان الذي ظلَّ ينبض بالحب و الجمال طيلة العقود الماضية ، عفرين عروسة كردستان التي بقيتْ تتباهى بطبيعتها الخلابة و سحرها الذي تفتقده الكثير من مدن و أقاليم دول الجوار ، هذه العروسة أنجبت الكثير من الشعراء و الأدباء و المُفكِّرين و السياسيين الكُرد الذي قضوا حياتهم في خدمة القضية الكردية ، إضافة إلى آلاف الشهداء من أبنائها المُكافحين الذين لم يبخلوا بأرواحهم فداء الحرية و الكرامة لعفرين و عموم كردستان .
كان يوم : ٢٠١٨/١/٢٠م يوماً مِفصليَّاً في تاريخ الشعب الكردي في عفرين الصامدة ، حيث اجتاح الاحتلال التركي برفقة المرتزقة ممن يسمون أنفسهم بالجيش الوطني السوري منطقة جبل الأكراد (عفرين) بحجة محاربة الإرهاب ، إلا أن الهدف الرئيسي هو القضاء على الوجود الكردي في المنطقة ، من خلال إحداث التغيير الديمغرافي فيها ، حيث قام المهاجمون بعد شهرين من المقاومة العنيفة لأهل عفرين ، بجلب عائلات المرتزقة من كل المناطق السورية التي سيطر عليها نظام الأسد ، و قاموا بتوطينهم في عفرين و ريفها ، بعد طرد غالبية أهلها منها ، في ظل صمت دولي و إقليمي إزاء هذه الجريمة النكراء بحق أهل عفرين المُسالمين .
بعد أن استقرَّ الاحتلال و أعوانه من المرتزقة السوريين في عفرين ، أقدموا على سلب و نهب كل ما وقعت عليه أياديهم القذرة ، حيث نهبوا البيوت و المزارع و الحقول ، و سيطروا على بيوت الأهالي ، و قطعوا الغابات و أشجار الزيتون ، لبيع الحطب في أسواق إدلب و أعزاز و غيرها ، و لم تتوقف انتهاكاتهم بحق الأهالي عند هذا الحد ، إنما قاموا باعتقال غالبية شبان عفرين الذين رفضوا تركَ بيوتهم و تمسَّكوا بأراضيهم ، و قد تعرَّضَ معظمهم للتعذيب حتى استشهدَ العديد منهم تحت التعذيب ، أما الآخرون ، فقد قام الأهالي باستدان الأموال من الخارج ، و بيع أراضيهم ، لدفع الفدية للمحتلين و مرتزقتهم ، لإطلاق سراح أبنائهم المحتجزين عندهم ، و لا سيما أن حياتهم كانت مهددة بالموت ، لكثرة التعذيب الذين كانوا يلاقونه على أيدي السجَّانين في سجونهم المظلمة .
أما جريمة نبش القبور و المزارات الدينية ، و التلال و الوديان بحثاً عن الآثار و الكنوز ، فقد كان لتلك الجريمة نصيب وافر من ممارسات المرتزقة ، حتى لم يبقَ تل أو مكان إلا و قد حفروه و عبثوا فيه ، و بذلك تم نهب الكثير من الآثار و بيعها في السوق السوداء .
و اليوم ، و بعد مرور خمسة أعوام على احتلال عفرين قلب كردستان ، لا زال أهلها في الداخل يعانون من ظلم المحتلين ، و في الخارج يعانون من التهجير و التشرد في المخيمات قرب محافظة حلب ، و الجميع متمسكٌ بحق العودة إلى ديارهم المسلوبة ، كما أنهم لا زالوا يحلمون بتحريرها من رجس المعتدين ، و عودة الحياة إليها من جديد .
بعد خمس سنوات من الاحتلال تحولت عفرين إلى مدينة القبح و الأشباح ، بعد أن كانت مدينة النور و الجمال ، فعند السير في شوارعها أو قُراها قليلاً ما ترى الوجوه العفرينية الكردية الجميلة لأهلها المسالمين ، إنما كل الوجوه للغرباء الذين دخلوها بقوة السلاح و البارود .
عفرين الجريحة … أنتِ جرح نابض في جسد كردستان الأبية ، و لكن أبناءكِ لن يتخلوا عنك ، إنما سيتابعون كفاحهم لتحريرك ، و إقامة احتفالات النوروز في معظم ساحات بلداتك و قُراكِ الجميلة .
ستعود عفرين إلى أهلها الأصليين ، و سيشعل الشبان و الشابات شعلة النوروز مع أغصان الزيتون أيقونة
السلام على جبالها الشامخة ، و ستعود عفرين رمزاً للحب و الجمال كما كانت ، فكما أن أشجار الزيتون المباركة لا تتوقف عن الإنتاج ، كذلك لن تتوقف أمهات عفرين مرقد شمس الشعراء والكتاب عن إنجاب الأطفال الذين سيكبرون على حب عفرين ، و الكفاح لتحريرها .
تحية إلى كل أهلنا الصامدين داخل عفرين .
تحية إلى كل أهلنا المشردين عن عفرين .
تحية إلى كل كردي شريف وقف إلى جانب قضية عفرين العادلة .