يعاني الإيزيديون من ويلات التعريب والتهجير والإبادات الجماعية التي لم يعانيها أي شعب آخر، وذلك على يد الحكومات والأنظمة الاستبدادية المتعاقبة والمنظمات الإرهابية، الواحدة تلو الأخرى. واليوم، يواجه الإيزيديون مؤامرة جديدة من أعلى سلطة تشريعية في دولة ديمقراطية فدرالية، ألا وهي البرلمان العراقي ذو الأغلبية الشيعية، حيث يحيكون مؤامرات متتالية ضد شعب كوردستان بجميع أطيافه وفسيفسائه الجميل.
كان الأجدر بالبرلمان العراقي أن يجمع تواقيع لإنهاء مأساة الإيزيديين عبر تنفيذ اتفاقية شنكال، التي تهدف إلى عودة أهلها إلى ديارهم وتقديم الخدمات والأمن والأمان لهم. بدلاً من ذلك، قام البرلمان بجمع تواقيع لتفكيك البيت الإيزيدي، وضرب خنجر في خاصرة الإيزيديين عبر تقسيمهم بين شنكال وشيخان (ولات شيخ)، وذلك من خلال استحداث قومية جديدة للإيزيديين، مما يؤدي في النهاية إلى عزل شنكال عن وطن الأم كوردستان.
كان من الواجب على النواب الذين قدموا العريضة ووقعوا عليها أن يدركوا أن القومية ليست حزبًا سياسيًا أو منظمة مجتمع مدني يمكن تأسيسها بأمر من جهات طائفية تسعى لتحقيق مصالح سياسية خبيثة. القومية تعتمد على أصول عرقية وتاريخ طويل، ولا يمكن استحداثها بجرة قلم أو بمؤامرة سياسية أو دعاية حزبية لكسب أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية القادمة.
كل من يحاول تشويه الحقائق التاريخية يتحمل المسؤولية أمام الشعب والتاريخ لا يرحم. قد يعيد التاريخ نفسه ولكن بشكل آخر. في الأمس القريب، في تعداد عام 1977، أمر نظام الحكم آنذاك بتعريب الإيزيديين وسجلوا الإيزيديين في حقل القومية كعرب رغم معارضتهم. وبعد زوال النظام زال الظلم وحقل القومية، لكن للأسف، لم يزُل الفكر الدكتاتوري الطائفي الفاشي. وما يجري اليوم في البرلمان العراقي من حياكة مؤامرة سياسية ضد الإيزيديين هو تكملة لمؤامرة الأمس بتعريبهم.
هذه المؤامرة تشكل خطراً يهدد الجسد الإيزيدي بأكمله، وعلى المجتمع الإيزيدي، وخاصة المثقفين والأكاديميين بغض النظر عن توجهاتهم وانتماءاتهم، الوقوف بوجه هذا المخطط الخطير.
الإيزيديون هم كورد أقحاح، وموطنهم الأصلي هو كوردستان، حيث يقع معبد لالش النوراني الذي يُعتبر مركزاً دينياً وثقافياً هاماً لهم. تاريخهم وتراثهم وديانتهم متجذرة في اللغة الكوردية، مما يعكس الهوية الكوردية العميقة التي ينتمون إليها.
نادر دوغاتي
- 2024